مختصر من حياته الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

الامام السابع باب الحوائج موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام

ولد عليه السلام

ولد عليه السلام بالابواء و هو منزل بين مكة والمدينة ، في اخر شهر ذي الحجة سنة 127 للهجرة .

اسمه موسى و كنيته ابوالحسن ، و من القابه : الكاظم و باب الحوائج و العبد الصالح .

امه ذات العلى و المجد السيدة حميدة المصفاة و كانت من اشراف الأعاجم .

كان عليه السلام أعبد أهل زمانه و أفقههم و أسخاهم كفّاً و أكرمهم نفساً وروي أنّه كان يصلي نوافل الليل و يوصلها بصلاة الصبح ثم يعقّب حتى تطلع الشمس و يخرُّ لله ساجداً فلا يرفع رأسه من السجود حتى يقرب زوال الشمس .

و كان يبكي من خشية الله حتى تخضل ليحته بالدموع .

و كان أفقه أهل زمانه و أحفظهم لكتاب الله و أحسنهم صوتا بالقرآن ، و كان اذا قرأه يحزن، و يبكي السامعون بتلاوته و كان الناس بالمدينة يسمونه زين المجتهدين و سمي الكاظم لما كظمه من الغيظ وصبر عليه من فعل الظالمين حتي مضى قتيلاً في حبسهم ووثاقهم.

و من نُبذ كلامه عليه السلام :

قال لبعض شيعته أي فلان : اتق الله و قل الحق و إنْ كان فيه هلاكك ، فان فيه نجاتك ، أي فلان ، اتق الله ودع الباطل و إنْ كان فيه نجاتك ، فإنّ فيه هلاكك .

و قال عليه السلام عند قبر حضره : إنّ شيئاً هذا آخره لحقيق أنْ يزهد في اوّله ، و إنّ شيئاً هذا اوّله لحقيق أنْ يُخاف آخره .

انتقلت إليه الامامة وهو في العشرين من عمره الشريف ، و كانت مدة امامته 35 سنة ، ادرك بعض ملوك العباسيين فعاش مدّة في خلافة المنصور لكنّه لم يتعرّض له بسوء، و بعد المنصور انتقلت الرئاسة الدنيوية الى المهديّ العباسي فأحضر الامام الكاظم عليه السلام من المدينة ، و حبسه في العراق ، فرأي المهديّ اميرَالمومنين علي بن ابي طالب عليهما السلام في المنام

يقول له «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ»

فلمّا استيقظ فهم مراد أميرالمومنين صلوات الله و سلامه عليه فأخرج الإمام عليه السلام من السجن .

و لمّا خلّفه ابنه الهادي أراد أن يرجع الإمام الكاظم عليه السلام إلى السجن ، لكنّه مات قبل ذلك ، و لم يدم حكمه أكثر من سنة .
و جاء بعده هارون ، فأخذ ينقل الإمام عليه السلام من سجن الى سجن حتّى نقله الى سجن سندي بن شاهك ، و كان هارون ربما صعد سطحاً يشرف على الحبس الذي حبس فيه ابا الحسن عليه السلام فكان يرى ابا الحسن عليه السلام ساجداً ، و يقول ما ذاك الثوب الذي أراه كلّ يوم في ذاك الموضع ؟

فيُقال : ما ذاك بثوب و انّما هو موسى بن جعفر له كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس الى وقت الزوال .

استشهد عليه السلام

استشهد عليه السلام مسموماً في سجن سندي بن شاهك في يوم الخامس والعشرين من شهر رجب سنة 183 للهجره .

و بعد استشهاده أمر هارون أن يطاف بجثمان الإمام الكاظم عليه السلام بثوب خلق و وضع على محمل فحمله أربعة حمّالين و معهم مناد ينادي : هذا إمام الرافضة فاعرفوه، ثم أُتيَ به الى السوق فوضع هناك فحف به الناس وجعلوا ينظرون عليه ، وروي أنّ السوق الذي وضع فيه النعش الشريف سمّيَ سوق الرياحين و بني على الموضع بناء و جعل عليه باب لئلا يطأه الناس باقدامهم بل يتبركون به و بزيارته .

و خرج سليمان بن جعفر من قصره الى الشط فسمع الصياح و الضوضاء فقال لولده و غلمانه ما هذا ؟

قالوا السندي بن شاهك ينادي على موسى بن جعفر عليهما السلام ، فقال لولده و غلمانه :

يوشك أن يفعل هذا به في الجانب الغربي فإذا عبر به فانزلوا مع غلمانكم فخذوه من ايديهم فإن مانعوكم فاضربوهم و خرقوا من عليهم من السواد ، فلما عبروا به نزلوا اليهم فاخذوه من ايديهم وضربوهم وخرقوا ما عليهم من سوادهم ووضعوه في مفرق اربعة طرق و اقام المنادون ينادون ألا من أراد ان يرى الطيب بن الطيب موسى بن جعفر عليهما السلام فليخرج ، و حضر الخلق، و سبق الإمام الرضا عليه السلام إلى غسل أبيه و تكفينه والصلاة عليه .

و في الخبر المروي عن المسيب قال : فوالله لقد رأيتهم بعيني و هم يظنون انّهم يغسلونه فلا تصل ايديهم اليه و يظنون انّهم يحنطونه و يكفنونه وأراهم لا يصنعون به شيئاً ورأيت شخصاً أشبه الاشخاص به يتولى غسله و تحنيطه و تكفينه وهو يظهر المعاونة لهم و هم لا يعفرونه فلما فرغ عليه السلام من أمره ، قال لي ذلك الشخص:

يا مسيب مهما شككت فيه فلا تشكن فيّ فإنّي امامك و مولاك و حجة الله عليك بعد أبي ، يا مسيب مثلي مثل يوسف الصديق ( عليه السلام ) و مثلهم مثل إخوته حين دخلوا عليه فعرفهم ، و هم له منكرون .

و شيّعه الشيعة في موكب كريم في باب التين ، و دفن في مرقده الحالي وكانت هذه المقبرة لبني هاشم .

و في الدّر النظيم ، و دفن ببغداد في مقابر قريش في بقعة كان قبل وفاته قد ابتاعها لنفسه .

و ورد أن لزائره الجنة، و في كتاب الأنوار البهية أنّه : قال الرضا (عليه السلام) : من زار قبر أبي ببغداد كان كمن زار رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قبر اميرالمؤمنين (عليه السلام) .